الاثنين، 22 يوليو 2013

الحلقة التاسعة عشر: جبين فيصل



أُجري لفيصل تخطيطاً للدماغ قبل أن يتم عامه الأول بقليل، و يبدو أن ذلك الإجراء يتم من خلال تثبيت بعض الأجهزة على الجبين، تبينت ذلك عندما أُدخل فيصل قادماً من غرفة التخطيط إلى غرفته حيث كنت انتظره مدفوعاً بسريره الصغير ذو العجلات، استغربت وجود عصابة عريضة تلف محور رأسه، بقيت تلك العصابة بعض الوقت قبل أن ترفعها الممرضة لتكشف عن جرح غريب على جبينه، فقد كان على جبينه بقعة زرقاء محاطة بإحمرار، سألت الطبيب عنها في أول زيارة له بعد إجراء ذلك التخطيط، فأخبرني انه من الطبيعي أن يتشكل هذا الجرح بعد إجراء تخطيطاً من النوع الذي خضع له ابني، وتوقع أن الجرح سيزول مع مرور الوقت.

بعد يومين زار فيصل طبيب آخرغير الطبيب أعلاهوسألني مستنكراً عن
الجرح الذي في جبين فيصل، استغربت سؤاله لأني اعتقدت أن طبيباً مثله قد اعتاد
على مثل هذه الآثار التي يتركها  إجراء كتخطيط الدماغ للرضع، و بالتأكد لم تكن تلك
تجربته الأولى في هذا مثل هذه الحالات!

فأجبته بأنه أثر تخطيط الدماغ، و أردفت متسائلة إذا لم يكن الأمر طبيعياً؟ فصدمني
بالنفي القاطع، و أن ما حدث لطفلي ما هو إلا خطأ طبي، وسوء تعامل مع مريض،
وأنه دليل على قلة الخبرة، وأخبرني بأنه من حقي رفع شكوى لاسترداد حق طفلي
وإن لم يمحي ذلك ما وقع بالفعلو أيضاً لإتخاذ اللازم لتصحيح الخلل و منع
حدوث ذلك لأطفال آخرين.

تألمت لما حدث لإبني، وحزنت كثيراً، وشعرت بالإستياء من الشخص الذي أجرى لصغيري عملية التخطيط، و بالرغم من ألمي ذاك؛ إلا إني لم أحرك ساكناً، وكنت سلبية بعدم رفعي لشكوى، أو كتابة ملاحظة للمسؤل، لأن الموضوع لم يكن فقط متعلقاً بابني وحده، بل بالمرضى المحتملين من بعده، والذين قد يتعرضون لما تعرض له ابني.

بعد مرور سنوات، أنظر الآن الى ذلك الأثر على جبين فيصل، فأراه قد اتحد مع
تكوينه الصغير، ليكون جزء من شخصيته، فقد أصبح ذلك الأثر علامة يميز بها
الأطباء فيصل ويعرفونه على الفور في كل زيارة دورية له معهم، وكلما وقعت
عيني عليه تذكرت الرحلة التي خاضها ابني في سبيل التعافي، وكل التحديات التي
وصلت به الى مراحل خطيرة و صمد خلالها، فأشكر الله وأحمده حمداً كثير اً.





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق