الوقوف
في مفترق الطرق، التردد والحيرة، هو أسوأ شعور قد يقع فيه الإنسان، فينسى أن كان مخيرا
هو أم مسير، فيطرح الخيارات ويراجع، يتتبع ويحلل، يستشير ويستخير، وبالرغم من ذلك تساوره
الشكوك، ويقلق خوفا من المستقبل، واقعا فريسة لماذا لو...
الحيرة
ألم بحد ذاتها، تصيب الواقع فيها بتعب نفسي وجسدي، فما بالك بتلك التي تمس أعظم المشاعر
لدي، وأقدسها؟ تلك التي تتعلق بمستقبل جنين حملته في أحشائي أشهراً عديدة، فيطرح
علي خيارٌ يستفز كل مشاعر الأمومة لدى أي امرأة، خيار طرح أمامي بكل شراسة وانتهاك
لتلك المشاعر، فخيرني بين أن اتخلى عن قطعة مني فأسقط جنيني الذي أضمه في جوفي، ويستمد
الحياة مني ويتغذى من لبّي، وبين أن أحتفظ بجنين مشوّه بعقل متخلف!
كم تمنيت
لو أن الطبيبة خيرتني بين أن أقطع يدي أو قدمي أو أي جزء من جسدي، والله إنها لكانت
أسهل على نفسي، و لما وقعت بما وقعت فيه من ألم، لانه يتعلق بي وحدي، ولكن الموضوع
يتعلق بكائن صغير لاحول له ولا قوة، يحتمي في داخلي، إنه ابني!!!
كيف
أقتل إبني!!!
هو صغيري
الذي منحني الله حتى وإن حمل ما حمل من صفات وعاهات قد تكون وقد لاتكون، لله حكمة في
أن زرعه داخلي أنا، اختارني من بين نساء العالم لحكمة يعلمها، أؤمن بها أقوى من إيماني
بأي شيء آخر، ففوق كل ذي علم عليم، وأنا آثرت أن أتعلق بالعليم وحده دون سواه.
نفضت
عن كاهلي أيام الحيرة والتردد، ومسحت دموعي متقبلة واقعي بحلوه ومره، واتخذت على نفسي
عهداً بأن اخوض التجربة، وأن أقاتل إن استلزم الأمر، فاستخرت، وتوكلت على الله.
علمت
لاحقاً بأن الذي سبب اتساع التجاويف الدماغية هو نقص حمض الفوليك لدي خلال الشهر
الأول من الحمل، وأن ذلك سبب إصابة الجنين بما يسمى (الصلب المشقوق).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق